ݺߣ

ݺߣShare a Scribd company logo
تعطير الأيام بسيرة الأئمة الأعلام.
{تعطير الأيام بسيرة الأئمة الأعلام} 
أقولمستعيناً بالله ، طالباً رضاه عني وتقواه: في خِضم هذه الشَّواغل والمشاغل،والزَّخَم 
الفكري الذي طغى على ذِهن الأمَّة ، وبغى على علو الهمة ، وترعرع على النـَّوازل المُدْلهَمَّـة ، 
كان لابد حتماً من وقفة ؛ كي ننظر ما بنا ونفقه ، ومن ثمَّ نضع النقاط عـلى الحـروف؛ حتـى 
نتجنبََّما يُحاك بنا من حُتُوف، ونرِجع للعزة ونعود ، ونُيسِّرللشرع طريقاً ليسود ، ونقفله 
حماةً كالأسود ، ننهشأعداء الإسلام كالضَّراغم ، ونُشهِر لهم متون الصَّوارم ، فلا يستطيعوا 
لنا حزَّ الغلاصِم ، ولا نخشَلهم نْكَز الأراقِم. 
ومن ثمَّ نظرتفي أحـوال النـاس، فوجـدتهم في نعـاسوإفـلاس، فحركـتلـساني 
بالهمسات، وزبَّرتببناني تلكالكلمات، عن أعلام الإسلام، ومُلَّاك الذِّمام،فأعرنيعقلك 
وسمعك، وقلبكوفهمك: 
كانهنالكفيما كان ، في غابر الأسلاف والأزمان ، كبار أكابر،هدىلكلعابر،ملكوا 
الزمام ، وقادوا للأمام ، ذلَّلوا المراقي والصعاب، بفضل العزيز الوهاب، وكـشفوا المزيـف 
المردود من البهرج والمنقود ، وفي كل الدُّروبأنجم زهرات، يُقتدى بهـم في كـل الظـروف 
والأوقات، أسدي إليكمن رياضأحوالهم ، ومن أفانين أفعالهم ، ما يبتـدي بـه المجتهـد ، 
وينتهي به المقتصد ، فهي بحق من خير الزَّاد ، ودليل سلامٍ إلى يوم المعـاد ، وأتمنـى ألا يتعثَّـر 
لساني، عنذِكر أحوالهم في هذي اللحظات والثواني. 
ففي الإيمان: كانوا من عِلية بني الإنسان ؛ فهو لهم صمام الأمـان ، ووقايـة مـن حبائـل 
الشيطان ، من إنسٍكان أو جان ، وبه أدركوا النعيم المقيم ، ونجوا من الويل والجحيم ، فذا 
من أحوالهم بعضنذرٍ يسير ، إلا أنه من جميل عبق العبير. 
وفي العبادة: كانوا أعالي سادة ، وتركـوا الوسـادة ، أكثـروا مـن الـصلوات، والـصيام 
والزكوات، والعمرة والحج ، وأتوهما من كل فج، وكذاقراءة القرآن، وذِكر الربالرحمن، 
وأحوالهم فيذا كثيرة منشورة ، معلومة وفيرة مشهورة. 
(٢)
وفي الاتباع: سلكوا كل باع ، وتركوا الهوى والابتداع ، ونظـروا في الـسنة والكتـاب، 
وطرقوا منهما كل باب، وأحبوا الله فأحبهم ، وعفا عنهم وغفر لهم ، وبذا وُسِموابأهلالسنة 
والجماعة ، وكذا الطائفة المنصورة إلىقيام الساعة . 
وفي أحوال القلوب: تركوا الخطايا والذنوب، وسلكوا خـير الـسُّبل والـدروب، مـن 
إخلاصوحبٍ وتوبة ، رضا وًصبرٍ وأوبة ، خشية ورهبة ، رجاء ورغبة ، وغيرها من أحوال 
، تُوصِل الحال إلى المآل ، فتلكإطلالة عابرة ، على أحوالهم الغابرة. 
وفي العلم والعلوم: غاصتالأذهان والفهوم ، وصار المعقَّد مفهوم ، درسوا وصبروا، 
عانوا فسبروا ، رحلوا وارتحلوا ، بذلوا وابتذلوا ، وجابوا البلاد والعباد ؛ طلبا لًفروع العلـم 
والرشاد ، من توحيد وعقيدة ، فقه وأصول مفيدة ، حديث وتفسير ، نحو وفن تعبير ، تاريخ 
وسيرة ، فرائضوعلوم شتىَّ كثيرة ، فكانوا فحولا ، ثقاتاً عدولا ، خدموا المحابر ، فرفعتهم 
المنابر ، لهم معدن نادر ، نحو العلا قادر ، من أمثال الحسن وسعيد ، والشعبي وابـن يزيـد ، 
عكرمة ومجاهد ، الأعمشوابن المبارك المجاهد ، عطاء وسـفيان ، الـذهلي والزهـري عالمـا 
الزمان ، أبي حنيفة والشافعي ، ومالـك وابـن حنبـل التقـي ، البخـاري ومـسلم ، والـستة 
أصحاب الكتابالمفهم ، ابن تيمية وابن القـيم ، والـسيوطي ذي العلـم القـيم ، الـشوكاني 
والصنعاني ، ابن عبد الوهاب والألباني ، ابن باز وابن عثيمين ، أحمد شـاكر وابـن جـبرين، 
وغيرهم الكثير من الأماجد الكبار ، أقمار الليل وشمسالنهار . 
وفي الدعوة والتعليم: كان لهم النفع العميم ، والأثر العظيم، فكم خالطوا من نادٍ وواد 
، وحاضرٍوباد ، فأحكموا التجارب، وميزَّوا المشارب، فسلكوا الطرق الطيبة المثلى ، ودعوا 
بالحكمة والموعظة الحسنى ، فلانتلهم القلوب، وهانتلهم العيوب، وقُبلِتمنهم النصائح 
بأجزل ألفاظ الامتنان الفصائح. 
وفي الجهاد: أزالوا رؤوسالشرك والعناد،منأهل الطغيانوالأوغاد،تقلَّدوا السيوف 
٣
، ولم يخشوا الُحتُوف، رشقوا السهام في قلوبالظلام ، رموا النبال ، وبغوا النضال ، مصَّروا 
الأمصار ، وفتحوا الأقطار ، نشروا الإسلام بينالأنام ، تمنوا الشهادة ، ورجوا الإعادة ، فذا 
قليل من كثير ، وضئيل من وفير. 
وفي الزهد: استفرغوا الجهد ، وصدقوا العهد ، تركوا خُتومَ الشّهَواتِ،وقطُوفَاللّذّاتِ 
، تركوا الغرور ، وتيقنوا الـسرور ، علمـوا الفنـا ؛ فتركـوا الخنـى ، نظـروا للظـل الزائـل ، 
فاستمسكوا بنهج الأوائل ، وبذا تمتلهـم النعمـة ، وزالـتالنقمـة ، وحـصل الوئـام بعـد 
الانفصام ، فرحمة الله على الزهاد العباَّد ، الأطهار الأبرار. 
فيا أمتي: من نومكِأفيقي ، ومن غفلتكِ استفيقي ، وعودي لربك، وانتبهي لـدربك، 
واحذري حَبائل الشيطان ، من إنسٍكان أو جان ، فنهايتها العذابالأليم ، والويلوالجحيم 
، وبالعكساستمـسكي ، وتـشبثَّي واسـتوثقي ، وبحبـل الله اعتـصمي ، واصـبري عـلى ذا 
واحتسبي ، وعضيعلى السنةَّ العصماء بالنواجذ ، وكذا سنة الراشدين من الخلفاء مهما كانت 
.  الحواجز ، فبذا تسكني أعالي الجنان ، بجوار النبي العدنان 
*** 
(٤)

More Related Content

تعطير الأيام بسيرة الأئمة الأعلام.

  • 2. {تعطير الأيام بسيرة الأئمة الأعلام} أقولمستعيناً بالله ، طالباً رضاه عني وتقواه: في خِضم هذه الشَّواغل والمشاغل،والزَّخَم الفكري الذي طغى على ذِهن الأمَّة ، وبغى على علو الهمة ، وترعرع على النـَّوازل المُدْلهَمَّـة ، كان لابد حتماً من وقفة ؛ كي ننظر ما بنا ونفقه ، ومن ثمَّ نضع النقاط عـلى الحـروف؛ حتـى نتجنبََّما يُحاك بنا من حُتُوف، ونرِجع للعزة ونعود ، ونُيسِّرللشرع طريقاً ليسود ، ونقفله حماةً كالأسود ، ننهشأعداء الإسلام كالضَّراغم ، ونُشهِر لهم متون الصَّوارم ، فلا يستطيعوا لنا حزَّ الغلاصِم ، ولا نخشَلهم نْكَز الأراقِم. ومن ثمَّ نظرتفي أحـوال النـاس، فوجـدتهم في نعـاسوإفـلاس، فحركـتلـساني بالهمسات، وزبَّرتببناني تلكالكلمات، عن أعلام الإسلام، ومُلَّاك الذِّمام،فأعرنيعقلك وسمعك، وقلبكوفهمك: كانهنالكفيما كان ، في غابر الأسلاف والأزمان ، كبار أكابر،هدىلكلعابر،ملكوا الزمام ، وقادوا للأمام ، ذلَّلوا المراقي والصعاب، بفضل العزيز الوهاب، وكـشفوا المزيـف المردود من البهرج والمنقود ، وفي كل الدُّروبأنجم زهرات، يُقتدى بهـم في كـل الظـروف والأوقات، أسدي إليكمن رياضأحوالهم ، ومن أفانين أفعالهم ، ما يبتـدي بـه المجتهـد ، وينتهي به المقتصد ، فهي بحق من خير الزَّاد ، ودليل سلامٍ إلى يوم المعـاد ، وأتمنـى ألا يتعثَّـر لساني، عنذِكر أحوالهم في هذي اللحظات والثواني. ففي الإيمان: كانوا من عِلية بني الإنسان ؛ فهو لهم صمام الأمـان ، ووقايـة مـن حبائـل الشيطان ، من إنسٍكان أو جان ، وبه أدركوا النعيم المقيم ، ونجوا من الويل والجحيم ، فذا من أحوالهم بعضنذرٍ يسير ، إلا أنه من جميل عبق العبير. وفي العبادة: كانوا أعالي سادة ، وتركـوا الوسـادة ، أكثـروا مـن الـصلوات، والـصيام والزكوات، والعمرة والحج ، وأتوهما من كل فج، وكذاقراءة القرآن، وذِكر الربالرحمن، وأحوالهم فيذا كثيرة منشورة ، معلومة وفيرة مشهورة. (٢)
  • 3. وفي الاتباع: سلكوا كل باع ، وتركوا الهوى والابتداع ، ونظـروا في الـسنة والكتـاب، وطرقوا منهما كل باب، وأحبوا الله فأحبهم ، وعفا عنهم وغفر لهم ، وبذا وُسِموابأهلالسنة والجماعة ، وكذا الطائفة المنصورة إلىقيام الساعة . وفي أحوال القلوب: تركوا الخطايا والذنوب، وسلكوا خـير الـسُّبل والـدروب، مـن إخلاصوحبٍ وتوبة ، رضا وًصبرٍ وأوبة ، خشية ورهبة ، رجاء ورغبة ، وغيرها من أحوال ، تُوصِل الحال إلى المآل ، فتلكإطلالة عابرة ، على أحوالهم الغابرة. وفي العلم والعلوم: غاصتالأذهان والفهوم ، وصار المعقَّد مفهوم ، درسوا وصبروا، عانوا فسبروا ، رحلوا وارتحلوا ، بذلوا وابتذلوا ، وجابوا البلاد والعباد ؛ طلبا لًفروع العلـم والرشاد ، من توحيد وعقيدة ، فقه وأصول مفيدة ، حديث وتفسير ، نحو وفن تعبير ، تاريخ وسيرة ، فرائضوعلوم شتىَّ كثيرة ، فكانوا فحولا ، ثقاتاً عدولا ، خدموا المحابر ، فرفعتهم المنابر ، لهم معدن نادر ، نحو العلا قادر ، من أمثال الحسن وسعيد ، والشعبي وابـن يزيـد ، عكرمة ومجاهد ، الأعمشوابن المبارك المجاهد ، عطاء وسـفيان ، الـذهلي والزهـري عالمـا الزمان ، أبي حنيفة والشافعي ، ومالـك وابـن حنبـل التقـي ، البخـاري ومـسلم ، والـستة أصحاب الكتابالمفهم ، ابن تيمية وابن القـيم ، والـسيوطي ذي العلـم القـيم ، الـشوكاني والصنعاني ، ابن عبد الوهاب والألباني ، ابن باز وابن عثيمين ، أحمد شـاكر وابـن جـبرين، وغيرهم الكثير من الأماجد الكبار ، أقمار الليل وشمسالنهار . وفي الدعوة والتعليم: كان لهم النفع العميم ، والأثر العظيم، فكم خالطوا من نادٍ وواد ، وحاضرٍوباد ، فأحكموا التجارب، وميزَّوا المشارب، فسلكوا الطرق الطيبة المثلى ، ودعوا بالحكمة والموعظة الحسنى ، فلانتلهم القلوب، وهانتلهم العيوب، وقُبلِتمنهم النصائح بأجزل ألفاظ الامتنان الفصائح. وفي الجهاد: أزالوا رؤوسالشرك والعناد،منأهل الطغيانوالأوغاد،تقلَّدوا السيوف ٣
  • 4. ، ولم يخشوا الُحتُوف، رشقوا السهام في قلوبالظلام ، رموا النبال ، وبغوا النضال ، مصَّروا الأمصار ، وفتحوا الأقطار ، نشروا الإسلام بينالأنام ، تمنوا الشهادة ، ورجوا الإعادة ، فذا قليل من كثير ، وضئيل من وفير. وفي الزهد: استفرغوا الجهد ، وصدقوا العهد ، تركوا خُتومَ الشّهَواتِ،وقطُوفَاللّذّاتِ ، تركوا الغرور ، وتيقنوا الـسرور ، علمـوا الفنـا ؛ فتركـوا الخنـى ، نظـروا للظـل الزائـل ، فاستمسكوا بنهج الأوائل ، وبذا تمتلهـم النعمـة ، وزالـتالنقمـة ، وحـصل الوئـام بعـد الانفصام ، فرحمة الله على الزهاد العباَّد ، الأطهار الأبرار. فيا أمتي: من نومكِأفيقي ، ومن غفلتكِ استفيقي ، وعودي لربك، وانتبهي لـدربك، واحذري حَبائل الشيطان ، من إنسٍكان أو جان ، فنهايتها العذابالأليم ، والويلوالجحيم ، وبالعكساستمـسكي ، وتـشبثَّي واسـتوثقي ، وبحبـل الله اعتـصمي ، واصـبري عـلى ذا واحتسبي ، وعضيعلى السنةَّ العصماء بالنواجذ ، وكذا سنة الراشدين من الخلفاء مهما كانت .  الحواجز ، فبذا تسكني أعالي الجنان ، بجوار النبي العدنان *** (٤)