القراء التحليلية لدؤلف: " قراءة ثانية لشعرنا القديم" د. مصطفى ناصف
الفصل الثامن: الحاجة إلى الخوف
الحاجة إلى الخوف اختيار من الناقد ليبرز من خلالو خوف الإنسان الجاىلي، وقلقو
1 of 2
Downloaded 11 times
More Related Content
القراء التحليلية لمؤلف (1)
1. القراء التحليلية دلؤلف: " قراءة ثانية لشعرنا القدمي" د. مصطفى ناصف
الفصاللثامن: الحاجة إلى الخوف
احلاجة إىل اخلوف اختيار من الناقد ليربز من خاللو خوف اإلنسان اجلاىلي، وقلقو
ادلستمر من مصريه كيانو، ىذا اخلوف ال ديكن أن يصدر إال عن وعي ثاقب نافذ، وىو
و
الشيء الذي تنبأ لو الناقد مصطفى ناصف وحاول أن يدلل عليو، فكان أن انطلق من
قصيدة النابغة الذبياين اليت يقول يف مطلعها:
يا دار ميَّة بالعلياء فالسنَد أقْوت وطال عليها سالِف األبد
ُ
َّ ِ َ ْ
ِ2
وقفف فيها أأيالأُسااِلُهااعيّف جواباًا وما باللبب من أأد
َّ ِ
َ ْ
ُ
1
يف حتليليو دلعلقة النابغة ىذه يكشف عن وجو آخر من وجوه عالقة الشاعر بالوجود
وباجملتمع الذي حيتضنو، فهو يكشف عن شعورين متناقضني:
األول: شعور بالرغبة يف االنفراد والوحشة.
الثاين: شعور مبا يتعهد جمتمعو من خطر كبري يتهدد البقاء، يفصح النابغة عن قدرة
خارقة يف حدس الشر الذي كان يتعهد ويهدد اجملتمع العريب آنذاك.
فإذا كان الشاعر مياال للوحشة واالنفراد فألن اجملتمع حتول إىل" عقبة في سبيل الوأشة
الضلورية التي تؤدي إلى تنبيو الذات لكل ما لها من قدرات... "3، وحشة تقدم لو معرفة ما خيبئو
الغيب للمجتمع، أما االنفراد ىو أمسى حاالت وعي النابغة مبا يصف الوجود العريب من
شعور بادلخاطر والشر احملدق، والشاعر وحده ىو القادر على صيانتو من جمتمع خرب
4
بل" إن أياة المجتمب العلبي معلضة للشلا وىي اآلن أشبو ما تكون باألواري الذابلة والنؤي الذي ال يمنب
5
السيلا والسجفين اللذين فقدا مالهما من شأن. ىذه ىي الوظااف المعطلة إن أعجبك ىذا التعبيل- ومن
ثم فإن السيل الغامض خليق بأن يأتي على الحياة. لقد تتبعنا فيما مضى أأالم النبوءات الغامضة أو غيل
الغامضة ا ولكن من المهم قبل أن نختم ىذه الصحف أن نشيل إلى الجانب الثاني من الصورة
1- أقىث:خلج من أهلهب.األبد:الدهر.
2-أصُال:وفٍ رواَت طىَلت.
3- مصطفً نبصف" قراءة ثبنُت لشعرنب القدَم" ص: 671 .
4- النُّؤٌ : مجرً ي َحفر حىل الخُمت أو الخببء ََقُهب السُْل . والجمع : ن ُ
ئٍِ .
ْ ُ
ٌّ
َّ َ
ِ
5- السَّجْ فُ : الس ْراا الْمقْرُونَبا بَُْنَهُمب فُرْ َ .ٌة
ت
َ
ِّ َ ِ َ
افاآلمال
2. واللؤى الطيبة ال تعيش وأدىاا وىناك دااما جدل وألاع بين بواعث التقدم وبواعث التقهقل. وال يمكن
أن تبحث شؤون الثقافة بمعزل عن ألكة األضداد"6.
وتتخذ احليوانات يف الشعر اجلاىلي أبعادا إنسانية وصراعية حتيل على احلرب
والتطهري. فقصة الثور والكالب " أعانف المجتمب من أيث ال يدري على أن يشبب بعض أاجاتو
العاطفية من الحلب بطليقة خيالية وىمية. وال شك أيضا في أن قصة الثور والكالب كانف ىي الدرس
األول الذي علم المجتمب الجاىلي كيف يشك في فلسفة الحلب المتداولة"7.
كما تشري قصيدة النابغة الذبياين إىل "نزوع واضح إلى عالم بعيد عن المنطق والمعقولية
واإلنسان. واإلنسان ال يتمتب في مثل ىذا النزوع بكمال إنسانيتو على نحو ما يتبادر إلينا اآلن. ولكن
الشاعل ىو الذي استطاع أن يهب المجتمب الجاىلي مثل ىذا التحذيل الغامض. أذار من أورة النعمان.
أذار من العدوان على فكلة اإلنسان. أذار من اللبس بين فكلة الفضيلة وطبااب الشيطان. أذار من عالم
ال يعلف الخوف أو اليلى للخوف مكانا في نظام الحياة"8.
وىكذا يتبني لنا أن الدكتور مصطفى ناصف تعامل مع الشعر اجلاىلي من زاوية
أنرتوبولوجية أسطورية، إذ نظر إىل جمموعة من مكونات الشعر اجلاىلي كرموز ومتعاليات
مجاعية كة مرتسبة يف ذاكرة اإلنسان العريب خ جملتمعو وحضارتو ، وتعرب عن ماضيو
تؤر
مشرت
وحاضره ومستقبلو بكل أتراحو وأفراحو. ومن مث، يقدم لنا الدارس الشعر اجلاىلي ال
كموصوفات حسية ودوال سطحية ساذجة بل كرموز جمردة عميقة بعيدة عن الظاىر تتوغل
يف العقل الباطن والالشعور اجلمعي من خالل استقراء ماىو روحي ، وديين ، وطقوسي ،
وشعائري– بتعبري الباحث مجيل محداوي.
6- مصطفً نبصف" قراءة ثبنُت لشعرنب القدَم" ص: 971 .
7- نفسه، ص: 181 .
8-نفسه، ص: 681 .