ݺߣ

ݺߣShare a Scribd company logo
‫بسم ا الرحمن الرحيم‬
                                              ‫جامعة النجاح الوطنية‬
                                                ‫كلية الدراسات العليا‬
                                    ‫قسم التخطيط والتنمية السياسية‬




                   ‫مقال حول المنهج التاريخي‬


                          ‫إعداد الطالب‬
                      ‫سعيد يوسف خصيب‬
                           ‫مقدم الى‬
                          ‫د. حسن ايوب‬




  ‫وذلك استكمال لمساق البحث العلمي في الدراسات التنموية‬
                     ‫الفصل الدراسي الول‬
                             ‫2102‬


                      ‫المنهج التاريخي‬


                                                              ‫المقدمة‬
 ‫إن معرفة تاريخ أي ظاهرة ضروري جدا لفهم هذه الظاهرة, كما إن معرفة‬
‫تاريخ المجتمعات مهم أيضا لفهم هذه المجتمعات, ولمعرفة التطور الذي يطرأ‬
  ‫على شبكة العلقات الجتماعية وفهم هذه التطورات , لذلك يستخدم علماء‬
   ‫الجتماع المنهج التاريخي لدراسة أحداث الماضي وتفسيرها وتحليلها بهدف‬
‫التوصل إلى قوانين عامة تساعد على تحليل أوضاع الحاضر والتنبؤ بالمستقبل,‬

                                ‫1‬
‫فليس الهدف من دراسة هذا المنهج هو فهم الماضي فقط ولكن الوقوف على‬
    ‫أحداث الماضي للستفادة في فهم الحاضر والتخطيط للمستقبل حتى يتمكن‬
    ‫الفرد والمجتمع من التطور والتقدم, وباختصار إن هذا المنهج يعنى باسترداد‬
                ‫الحدث التاريخي من الماضي وإعادة ترتيبه وتنسيقه من جديد .‬

                                                      ‫تعريف المنهج التاريخي‬
 ‫يعرف المنهج التاريخي بأنه " منهج يتعامل مع مغزى وأهمية المعلومات الكامنة‬
    ‫في التاريخ , البعيد منه والقريب وحيث أن التاريخ هو مجموعة من الظواهر‬
    ‫والنشطة البشرية والنسانية , فانه على الباحث أن يقوم بدراستها وفحصها ,‬
 ‫والنشطة والظواهر التاريخية ل تقتصر على موضوع واحد أو مجال واحد ولكنه‬
  ‫قد يستخدم مع كافة المواضيع والمعارف البشرية ".)العساف , الوادي, 1102,‬
                                                              ‫ص 911-021(‬

                                                    ‫خطوات المنهج التاريخي‬
     ‫عند دراسة ظاهرة أو حدث تاريخي يتوجب على الباحث إتباع خطوات أثناء‬
                                                      ‫دراسته و هي كما يلي :‬
                                                  ‫أول : اختيار موضوع البحث:‬
‫و نقصد هنا تحديد مكان و زمان الواقعة التاريخية، الشخاص الذين دارت حولهم‬
    ‫الحادثة، كذلك نوع النشاط النساني الذي يدور حوله البحث, ويمكن استخدام‬
‫معاير أخرى لتحديد موضوع البحث منها أن يعيد الباحث الموضوع في ضوء فكرة‬
‫مهمة او عدد من الفكار أو المعتقدات أو التجاهات أو التقاليد الجتماعية المهمة.‬
 ‫وكذلك في ضوء اعتبارات الخبرة الكافية التي تجعله قادرا على معرفة الموروث‬
      ‫التاريخي والحداث, إضافة إلى توافر مصادر الحصول على المادة التاريخية‬
                                                   ‫والوقت والتكلفة وغير ذلك‬
                                                      ‫ثانيا :مصادر المعلومات‬
 ‫ويقصد به جمع البيانات و المعلومات و المادة التاريخية. فبعد النتهاء من تحديد‬
        ‫مكان و زمان الواقعة التاريخية يأتي دور جمع البيانات اللزمة و المتعلقة‬
             ‫بالظاهرة من قريب أو من بعيد و تنقسم إلى مصادر أولية وثانوية .‬
                                                           ‫1- المصادر الولية‬


                                     ‫2‬
‫أ- الثار : وهي تعبر عن بقايا حضارات أو أحداث معينة قامت أو حدثت في‬
      ‫الماضي ويستطيع الباحث أن يفحصها بنفسه فهي أكثر صدقا من السجلت‬
 ‫والوثائق ومن أمثلة هذه الثار بقايا المباني والدوات والملبس والواني والنقود‬
‫والسلحة والرسوم والمعدات والنقوش والرسوم والمعابد والتماثيل بالضافة إلى‬
   ‫المطبوعات كالكتب والشهادات وكشوف السجلت والمخطوطات وغيرها التي‬
                  ‫كانت تستخدم في الماضي وتكشف مظاهر الحقب الماضية .‬
   ‫ب- الوثائق والسجلت : هي تلك الوثائق التاريخية التي حفظت عن قصد لنقل‬
    ‫المعلومات والبيانات والحداث الماضية ، ويحاول الباحث الحصول على أقرب‬
‫المصادر إلى الحداث فمثل ل ً ل يكتفي بمقال يتحدث عن اجتماع إن أمكنه الحصول‬
              ‫على محضر الجتماع الرسمي والذي يعد مصدرا أوليا وتقسم إلى‬
     ‫1-ب- السجلت الرسمية: الوثائق التشريعية والقضائية والتنفيذية, كالدساتير,‬
     ‫والقوانين, والتفاقيات, والمواثيق, والمعاهدات, ومحاضر المحاكم, وقوائم‬
                  ‫الضرائب, والحصاءات والبيانات والتقارير السنوية, وغير ذلك .‬
      ‫2-ب- السجلت الشخصية : ويقصد بها السيرة الذاتية واليوميات والمذكرات‬
   ‫والخطابات والرسائل والوصايا , والعقود والمقالت والخطب والكتب وغيرها .‬
‫3-ب- التراث الشعبي :ويشمل الساطير والحكايات والخرافات الشائعة والرقصات‬
                                                          ‫واللعاب وغيرها .‬
  ‫4-ب- السجلت المصورة : وتشمل الرسوم والصور الفوتوغرافية والمصغرات‬
                          ‫الفيلمية, والصور الجوية, والنحت والزخرفة, وغيرها .‬
        ‫5-ب- المواد المنشورة : وتشمل المطبوعات والكتب والصحف وغيرها .‬
         ‫6-ب- التسجيلت الصوتية والمرئية وتشمل التسجيلت الصوتية والمرئية‬
                                                    ‫للجتماعات والمقابلت .‬
  ‫2- المصادر الثانوية: و هي المعلومات الغير مباشرة و المنقولة التي تؤخذ من‬
  ‫المصادر الولية و يعاد نقلها , وقد تكون عملية النقل متواترة عن عدة أشخاص‬
       ‫وكلما كانت المعلومات تنقل من مصادر ثانوية عن طريق سلسلة أشخاص‬
    ‫متعددين , كلما كان احتمال الخطأ واردا في المعلومة المنقولة . ولذلك تتولد‬
  ‫هناك حاجة في معرفة وإلمام المصادر المأخوذة منها فصدق هذه المعلومات‬
  ‫يعتبر ضرورة وأساسا منهجيا مهما يجب أن يلجا إليه الباحث فقدرة الباحث على‬


                                     ‫3‬
‫عملية التحقيق تعطي البحث أهمية ومصداقية ومن أمثلتها الكتابات التي كتبها‬
           ‫شخص أو أشخاص لم يلحظوا الحدث أو الحالة أو الشيء بأنفسهم.‬
                                                         ‫ثالثا : نقد المعلومات‬
‫التأكد من زمن الوثيقة ومكانها وشخصية كاتبها وبيان شكلها الصلي وتفسير اللغة‬
‫التي كتبت بها ، وهل هي صحيحة ، وتحديد الظروف التي كتبت بها الوثيقة ، تحليل‬
        ‫كفاءة المؤلف واستقلليته والواقع النفسي له ، التأكد من أصالة الوثيقة .‬
                                                ‫و يكون النقد داخلي و خارجي‬
      ‫1- النقد الخارجي: يهدف هذا النقد إلى التحقق من صحة الوثائق من حيث‬
   ‫انتسابها إلى أصحابها والى العصر الذي تنتسب إليه وللوثائق ثلث حالت وهي‬
  ‫أ- إن تكون الوثيقة بخط المؤلف نفسه , ويمكن في هذه الحالة دراسة الوثيقة‬
                 ‫الصلية مباشرة أو الحصول على نسخة مصورة منها ودراستها .‬
    ‫ب- أن تكون الوثيقة بخط شخص آخر , وفي الوقت نفسه ل يوجد منها سوى‬
   ‫نسخة واحدة , وقد تكون بهذه النسخة أخطاء في الكتابة أو في الحكم لجهل‬
   ‫الناسخ لها أو وجود أخطاء عرضية كنسيان بعض اللفاظ أو الخطاء الملئية .‬
   ‫ج- وقد يوجد أكثر من وثيقة أو مخطوطة , وفي مثل هذه الحالة ينبغي إن يبدأ‬
      ‫الباحث بدراسة هذه المخطوطات لكي يتبين ما يرجع منها إلى أصل واحد .‬
      ‫2- النقد الداخلي: ويمكن التحقق من معنى الكلم الموجود بالوثيقة سواء‬
                    ‫المكتوب حرفيا أو المقصود بطريقة غير مباشرة من خلل :‬
                              ‫معرفة ما يعنيه المؤلف من كل كلمة وكل عبارة .‬
                           ‫دراسة مدى الوثوق في العبارات التي كتبها المؤلف.‬
                                      ‫تحديد الظروف التي أنتجت فيها الوثيقة .‬
                             ‫الوصول إلى تفسير صحيح للمعلومات الواردة بها .‬
 ‫اللمام بلغة كاتب الوثيقة – المعرفة بالظروف الجتماعية والقتصادية والسياسية‬
               ‫– الظروف الجتماعية والقتصادية والسياسية التي عاشها الكاتب‬
                                         ‫رابعا : الفروض في البحث التاريخي :‬
‫يحاول الباحث أن يقوم بوضع فرضية مبدئية تحاول أن تفسر وقوع الحداث وذلك‬
     ‫ليصبح للبحث قيمة . وبعد صياغة الفرضية يبدأ الباحث بالبحث عن الدلة التي‬
  ‫تؤيدها أو تنفيها والتي تختبر صدق الفرضية من عدمه . فالبحث التاريخي يتطلب‬


                                     ‫4‬
‫أن يضع الباحث فرضية ويقوم بعدها بعملية جمع البيانات والمعلومات , ثم يقوم‬
 ‫بتعديل الفرضية في ضوء ما يجمعه من معلومات . فإثبات الفرضية وتحقيقه يتم‬
 ‫من خلل جمع المعلومات من مصادرها الولية والثانوية ونقدها تمهيدا لقبولها أو‬
‫رفضها وتتميز الفرضيات بالمنهج التاريخي بالبساطة والصدق والحيوية .)العساف ,‬
                                                ‫الوادي, 1102, ص 021-921(.‬
                                               ‫أهمية وأهداف المنهج التاريخي:‬
       ‫1- المساعدة في الكشف عن الصول الحقيقة للنظريات والمبادئ العلمية‬
      ‫وظروف نشأتها, بهدف الستفادة من ذلك في معرفة الروابط بين الماضي‬
                                     ‫والحاضر, برد الحاضر إلى أصوله التاريخية.‬
    ‫2- المساعدة في التعرف على المشكلت التي واجهت النسانية في الماضي‬
  ‫وأسبابها, ووسائل وأساليب التغلب عليها, والعوائق التي حالت دون إيجاد حلول‬
                                                                            ‫لها.‬
         ‫3- المساعدة في الربط بين الظواهر والمشكلت وبين البيئة الجتماعية‬
                                    ‫والقتصادية والثقافية التي أدت إلى نشوئها.‬
    ‫4- ويشير ابن خلدون إلى أهمية التاريخ بقوله: ) أعلم أن فن التاريخ فن عزيز‬
‫المذهب, جم الفوائد, شريف الغاية, إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من المم‬
     ‫في أخلقهم, والنبياء في سيرهم، والملوك في دولهم وسياستهم، حتى تتم‬
‫فائدة القتداء في ذلك لمن يرويه في أحوال الدين والدنيا..( )السريحي وآخرون,‬
                                                             ‫9241, ص 222 (‬
                                                      ‫خصائص المنهج التاريخي‬
    ‫1-دراسة تاريخ الحضارات والشعوب وإتاحتها للجيال الجديدة فأي ظاهرة ل‬
  ‫يمكن أن تفهم يشكل واضح من دون معرفة جذورها أصولها وتسلسل تطورها‬
                                           ‫وبما يمكننا أيضا من التنبؤ للمستقبل .‬
 ‫2-يتعامل الباحث في هذا المنهج مع مغزى وأهمية المعلومات الوثائقية أي جمع‬
  ‫البيانات الولية و الثانوية أي أن مجال الباحث المصادر والوثائق المختلفة كالكتب‬
                          ‫والدوريات والمخطوطات والوثائق والخرائط وغيرها .‬
      ‫3-إمكانية الوصول إلى وثائق لم تعرف من قبل وبالتالي الوصول إلى نتائج‬
                                     ‫جديدة تفسر ظواهر وأحداث كانت غامضة.‬


                                      ‫5‬
‫4-أكثر شمول و عمقا من المناهج الخرى لنه دراسة للماضي و الحاضر .‬
 ‫6-إن المنهج التاريخي هو واحد من المناهج التي تدرس الظاهرة النسانية التي‬
 ‫هي ليست مقصورة على الملحظة أو التجربة, ول يقل عن المناهج التي تعتمد‬
   ‫على التجربة في دراسة السلوك النساني إذا توافر له شرطان أساسيان وهما‬
  ‫توفر المصادر الولية والصلية واستخدامهما, وتوفر المهارة الكافية عند الباحث‬
            ‫من حيث النقد والتحليل. )العساف , الوادي, 1102, ص 231-331(.‬
                                                      ‫ايجابيات المنهج التاريخي‬
   ‫تتمثل ايجابيات هذا المنهج في الكشف عن جوانب الطبيعة البشرية والظواهر‬
  ‫الجتماعية في الماضي ، وكيف تطور المجتمع النساني ومسارات تطوره دون‬
 ‫الوقوف عند حدود الوصف التصويري والكشف عن بعض العوامل التي أدت إلى‬
‫الوقائع والحداث والوقوف عندها وتحليلها وإتاحتها للجيال الجديدة فأي ظاهرة‬
‫ل يمكن أن تفهم يشكل واضح من دون معرفة جذورها أصولها وتسلسل تطورها‬
                                          ‫وبما يمكننا أيضا من التنبؤ للمستقبل .‬
                                                        ‫عيوب المنهج التاريخي‬
    ‫تتمثل سلبيات هذا المنهج في أنه يقوم على فرضيات غير يقينية أي غير قابلة‬
 ‫للتحقق بشكل عام ، وبالتالي فإن هذا المنهج ل يستطيع أن يفسر لنا كيفية ربط‬
 ‫الماضي المجهول بالحاضر المعروف إل من خلل التأويل والتفسير الذاتي المر‬
 ‫الذي أدى إلى تعدد آراء المؤرخين حول الموضوع التاريخي الواحد وبقاء المادة‬
 ‫التاريخية في موضع تعديل مستمر طبقا لوجهات النظر الجديدة التي تفسر وقائع‬
    ‫الماضي بعقلية العصر الذي يعيش فيه المؤرخ ، هذا بالضافة إلى المحاولت‬
   ‫المتكررة لتزييف التاريخ ووثائقه وما إلى ذلك. إل أننا نرى فيما ذكر من سلبيات‬
    ‫لهذا المنهج بأنها مسائل تجرد هذا المنهج من موضوعيته فمن الثابت أنه مهما‬
     ‫اختلف الطابع والمنطلق والتجاه الذاتي للمؤرخين فإنهم يتفقون في بعض‬
 ‫القضايا الرئيسية هذا التفاق هو الذي يشكل ))العنصر الموضوعي في التاريخ((‬
     ‫الذي لم يكن من الممكن الوصول إليه دون اللتزام بقواعد المنهج التاريخي‬
                                     ‫وبذلك تفوق إيجابيات هذا المنهج سلبياته.‬




                                     ‫6‬
‫خاتمــــــة‬
‫رغم النتقادات أو المأخذ التي سجلت على المنهج التاريخي، إل أنه يحتفظ بمكانته‬
     ‫الخاصة ضمن المناهج الخرى، و يحظى بحصة كبيرة من خلل اختياره في‬
    ‫أغلب البحوث العلمية و ذلك لما له من أهمية في التعرف على ماضي و كيفية‬
     ‫نشأة الظاهرة و تطورها عبر التاريخ مما يجعل الحلول ممكنة أمام الباحث,‬
 ‫ويسهل عليه تطبيق الحلول بطريقه موضوعية, فيضطلع بدور هام وأساسي في‬
       ‫ميدان الدراسات والبحوث الجتماعية, التي تتمحور حول الوقائع والحداث‬
  ‫والظواهر الجتماعية والنسانية فيقدم الطريقة العلمية الصحيحة, للكشف عن‬
                             ‫الحقائق التاريخية للظواهر الجتماعية والنسانية.‬




                                                           ‫قائمة المراجع :‬
‫د. احمد عارف العساف, أ.د. محمود الوادي, منهجية البحث في العلوم الجتماعية‬
                        ‫والدارية دار صفاء للنشر والتوزيع, عمان, ط 1, 1102.‬
 ‫أ.د. حسن عواد السريحي, د. ليلى جابر, أ.د. عبد الرشيد حافظ, د. صالح السعد,‬
      ‫أ.د. فالح الضرمان, د. عواطف يوسف ,التفكير والبحث العلمي, مركز النشر‬
                                                      ‫العلمي, ط 1, 8002.‬




                                    ‫7‬

More Related Content

المنهج التاريخي.Docسعيد خصيب (1)

  • 1. ‫بسم ا الرحمن الرحيم‬ ‫جامعة النجاح الوطنية‬ ‫كلية الدراسات العليا‬ ‫قسم التخطيط والتنمية السياسية‬ ‫مقال حول المنهج التاريخي‬ ‫إعداد الطالب‬ ‫سعيد يوسف خصيب‬ ‫مقدم الى‬ ‫د. حسن ايوب‬ ‫وذلك استكمال لمساق البحث العلمي في الدراسات التنموية‬ ‫الفصل الدراسي الول‬ ‫2102‬ ‫المنهج التاريخي‬ ‫المقدمة‬ ‫إن معرفة تاريخ أي ظاهرة ضروري جدا لفهم هذه الظاهرة, كما إن معرفة‬ ‫تاريخ المجتمعات مهم أيضا لفهم هذه المجتمعات, ولمعرفة التطور الذي يطرأ‬ ‫على شبكة العلقات الجتماعية وفهم هذه التطورات , لذلك يستخدم علماء‬ ‫الجتماع المنهج التاريخي لدراسة أحداث الماضي وتفسيرها وتحليلها بهدف‬ ‫التوصل إلى قوانين عامة تساعد على تحليل أوضاع الحاضر والتنبؤ بالمستقبل,‬ ‫1‬
  • 2. ‫فليس الهدف من دراسة هذا المنهج هو فهم الماضي فقط ولكن الوقوف على‬ ‫أحداث الماضي للستفادة في فهم الحاضر والتخطيط للمستقبل حتى يتمكن‬ ‫الفرد والمجتمع من التطور والتقدم, وباختصار إن هذا المنهج يعنى باسترداد‬ ‫الحدث التاريخي من الماضي وإعادة ترتيبه وتنسيقه من جديد .‬ ‫تعريف المنهج التاريخي‬ ‫يعرف المنهج التاريخي بأنه " منهج يتعامل مع مغزى وأهمية المعلومات الكامنة‬ ‫في التاريخ , البعيد منه والقريب وحيث أن التاريخ هو مجموعة من الظواهر‬ ‫والنشطة البشرية والنسانية , فانه على الباحث أن يقوم بدراستها وفحصها ,‬ ‫والنشطة والظواهر التاريخية ل تقتصر على موضوع واحد أو مجال واحد ولكنه‬ ‫قد يستخدم مع كافة المواضيع والمعارف البشرية ".)العساف , الوادي, 1102,‬ ‫ص 911-021(‬ ‫خطوات المنهج التاريخي‬ ‫عند دراسة ظاهرة أو حدث تاريخي يتوجب على الباحث إتباع خطوات أثناء‬ ‫دراسته و هي كما يلي :‬ ‫أول : اختيار موضوع البحث:‬ ‫و نقصد هنا تحديد مكان و زمان الواقعة التاريخية، الشخاص الذين دارت حولهم‬ ‫الحادثة، كذلك نوع النشاط النساني الذي يدور حوله البحث, ويمكن استخدام‬ ‫معاير أخرى لتحديد موضوع البحث منها أن يعيد الباحث الموضوع في ضوء فكرة‬ ‫مهمة او عدد من الفكار أو المعتقدات أو التجاهات أو التقاليد الجتماعية المهمة.‬ ‫وكذلك في ضوء اعتبارات الخبرة الكافية التي تجعله قادرا على معرفة الموروث‬ ‫التاريخي والحداث, إضافة إلى توافر مصادر الحصول على المادة التاريخية‬ ‫والوقت والتكلفة وغير ذلك‬ ‫ثانيا :مصادر المعلومات‬ ‫ويقصد به جمع البيانات و المعلومات و المادة التاريخية. فبعد النتهاء من تحديد‬ ‫مكان و زمان الواقعة التاريخية يأتي دور جمع البيانات اللزمة و المتعلقة‬ ‫بالظاهرة من قريب أو من بعيد و تنقسم إلى مصادر أولية وثانوية .‬ ‫1- المصادر الولية‬ ‫2‬
  • 3. ‫أ- الثار : وهي تعبر عن بقايا حضارات أو أحداث معينة قامت أو حدثت في‬ ‫الماضي ويستطيع الباحث أن يفحصها بنفسه فهي أكثر صدقا من السجلت‬ ‫والوثائق ومن أمثلة هذه الثار بقايا المباني والدوات والملبس والواني والنقود‬ ‫والسلحة والرسوم والمعدات والنقوش والرسوم والمعابد والتماثيل بالضافة إلى‬ ‫المطبوعات كالكتب والشهادات وكشوف السجلت والمخطوطات وغيرها التي‬ ‫كانت تستخدم في الماضي وتكشف مظاهر الحقب الماضية .‬ ‫ب- الوثائق والسجلت : هي تلك الوثائق التاريخية التي حفظت عن قصد لنقل‬ ‫المعلومات والبيانات والحداث الماضية ، ويحاول الباحث الحصول على أقرب‬ ‫المصادر إلى الحداث فمثل ل ً ل يكتفي بمقال يتحدث عن اجتماع إن أمكنه الحصول‬ ‫على محضر الجتماع الرسمي والذي يعد مصدرا أوليا وتقسم إلى‬ ‫1-ب- السجلت الرسمية: الوثائق التشريعية والقضائية والتنفيذية, كالدساتير,‬ ‫والقوانين, والتفاقيات, والمواثيق, والمعاهدات, ومحاضر المحاكم, وقوائم‬ ‫الضرائب, والحصاءات والبيانات والتقارير السنوية, وغير ذلك .‬ ‫2-ب- السجلت الشخصية : ويقصد بها السيرة الذاتية واليوميات والمذكرات‬ ‫والخطابات والرسائل والوصايا , والعقود والمقالت والخطب والكتب وغيرها .‬ ‫3-ب- التراث الشعبي :ويشمل الساطير والحكايات والخرافات الشائعة والرقصات‬ ‫واللعاب وغيرها .‬ ‫4-ب- السجلت المصورة : وتشمل الرسوم والصور الفوتوغرافية والمصغرات‬ ‫الفيلمية, والصور الجوية, والنحت والزخرفة, وغيرها .‬ ‫5-ب- المواد المنشورة : وتشمل المطبوعات والكتب والصحف وغيرها .‬ ‫6-ب- التسجيلت الصوتية والمرئية وتشمل التسجيلت الصوتية والمرئية‬ ‫للجتماعات والمقابلت .‬ ‫2- المصادر الثانوية: و هي المعلومات الغير مباشرة و المنقولة التي تؤخذ من‬ ‫المصادر الولية و يعاد نقلها , وقد تكون عملية النقل متواترة عن عدة أشخاص‬ ‫وكلما كانت المعلومات تنقل من مصادر ثانوية عن طريق سلسلة أشخاص‬ ‫متعددين , كلما كان احتمال الخطأ واردا في المعلومة المنقولة . ولذلك تتولد‬ ‫هناك حاجة في معرفة وإلمام المصادر المأخوذة منها فصدق هذه المعلومات‬ ‫يعتبر ضرورة وأساسا منهجيا مهما يجب أن يلجا إليه الباحث فقدرة الباحث على‬ ‫3‬
  • 4. ‫عملية التحقيق تعطي البحث أهمية ومصداقية ومن أمثلتها الكتابات التي كتبها‬ ‫شخص أو أشخاص لم يلحظوا الحدث أو الحالة أو الشيء بأنفسهم.‬ ‫ثالثا : نقد المعلومات‬ ‫التأكد من زمن الوثيقة ومكانها وشخصية كاتبها وبيان شكلها الصلي وتفسير اللغة‬ ‫التي كتبت بها ، وهل هي صحيحة ، وتحديد الظروف التي كتبت بها الوثيقة ، تحليل‬ ‫كفاءة المؤلف واستقلليته والواقع النفسي له ، التأكد من أصالة الوثيقة .‬ ‫و يكون النقد داخلي و خارجي‬ ‫1- النقد الخارجي: يهدف هذا النقد إلى التحقق من صحة الوثائق من حيث‬ ‫انتسابها إلى أصحابها والى العصر الذي تنتسب إليه وللوثائق ثلث حالت وهي‬ ‫أ- إن تكون الوثيقة بخط المؤلف نفسه , ويمكن في هذه الحالة دراسة الوثيقة‬ ‫الصلية مباشرة أو الحصول على نسخة مصورة منها ودراستها .‬ ‫ب- أن تكون الوثيقة بخط شخص آخر , وفي الوقت نفسه ل يوجد منها سوى‬ ‫نسخة واحدة , وقد تكون بهذه النسخة أخطاء في الكتابة أو في الحكم لجهل‬ ‫الناسخ لها أو وجود أخطاء عرضية كنسيان بعض اللفاظ أو الخطاء الملئية .‬ ‫ج- وقد يوجد أكثر من وثيقة أو مخطوطة , وفي مثل هذه الحالة ينبغي إن يبدأ‬ ‫الباحث بدراسة هذه المخطوطات لكي يتبين ما يرجع منها إلى أصل واحد .‬ ‫2- النقد الداخلي: ويمكن التحقق من معنى الكلم الموجود بالوثيقة سواء‬ ‫المكتوب حرفيا أو المقصود بطريقة غير مباشرة من خلل :‬ ‫معرفة ما يعنيه المؤلف من كل كلمة وكل عبارة .‬ ‫دراسة مدى الوثوق في العبارات التي كتبها المؤلف.‬ ‫تحديد الظروف التي أنتجت فيها الوثيقة .‬ ‫الوصول إلى تفسير صحيح للمعلومات الواردة بها .‬ ‫اللمام بلغة كاتب الوثيقة – المعرفة بالظروف الجتماعية والقتصادية والسياسية‬ ‫– الظروف الجتماعية والقتصادية والسياسية التي عاشها الكاتب‬ ‫رابعا : الفروض في البحث التاريخي :‬ ‫يحاول الباحث أن يقوم بوضع فرضية مبدئية تحاول أن تفسر وقوع الحداث وذلك‬ ‫ليصبح للبحث قيمة . وبعد صياغة الفرضية يبدأ الباحث بالبحث عن الدلة التي‬ ‫تؤيدها أو تنفيها والتي تختبر صدق الفرضية من عدمه . فالبحث التاريخي يتطلب‬ ‫4‬
  • 5. ‫أن يضع الباحث فرضية ويقوم بعدها بعملية جمع البيانات والمعلومات , ثم يقوم‬ ‫بتعديل الفرضية في ضوء ما يجمعه من معلومات . فإثبات الفرضية وتحقيقه يتم‬ ‫من خلل جمع المعلومات من مصادرها الولية والثانوية ونقدها تمهيدا لقبولها أو‬ ‫رفضها وتتميز الفرضيات بالمنهج التاريخي بالبساطة والصدق والحيوية .)العساف ,‬ ‫الوادي, 1102, ص 021-921(.‬ ‫أهمية وأهداف المنهج التاريخي:‬ ‫1- المساعدة في الكشف عن الصول الحقيقة للنظريات والمبادئ العلمية‬ ‫وظروف نشأتها, بهدف الستفادة من ذلك في معرفة الروابط بين الماضي‬ ‫والحاضر, برد الحاضر إلى أصوله التاريخية.‬ ‫2- المساعدة في التعرف على المشكلت التي واجهت النسانية في الماضي‬ ‫وأسبابها, ووسائل وأساليب التغلب عليها, والعوائق التي حالت دون إيجاد حلول‬ ‫لها.‬ ‫3- المساعدة في الربط بين الظواهر والمشكلت وبين البيئة الجتماعية‬ ‫والقتصادية والثقافية التي أدت إلى نشوئها.‬ ‫4- ويشير ابن خلدون إلى أهمية التاريخ بقوله: ) أعلم أن فن التاريخ فن عزيز‬ ‫المذهب, جم الفوائد, شريف الغاية, إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من المم‬ ‫في أخلقهم, والنبياء في سيرهم، والملوك في دولهم وسياستهم، حتى تتم‬ ‫فائدة القتداء في ذلك لمن يرويه في أحوال الدين والدنيا..( )السريحي وآخرون,‬ ‫9241, ص 222 (‬ ‫خصائص المنهج التاريخي‬ ‫1-دراسة تاريخ الحضارات والشعوب وإتاحتها للجيال الجديدة فأي ظاهرة ل‬ ‫يمكن أن تفهم يشكل واضح من دون معرفة جذورها أصولها وتسلسل تطورها‬ ‫وبما يمكننا أيضا من التنبؤ للمستقبل .‬ ‫2-يتعامل الباحث في هذا المنهج مع مغزى وأهمية المعلومات الوثائقية أي جمع‬ ‫البيانات الولية و الثانوية أي أن مجال الباحث المصادر والوثائق المختلفة كالكتب‬ ‫والدوريات والمخطوطات والوثائق والخرائط وغيرها .‬ ‫3-إمكانية الوصول إلى وثائق لم تعرف من قبل وبالتالي الوصول إلى نتائج‬ ‫جديدة تفسر ظواهر وأحداث كانت غامضة.‬ ‫5‬
  • 6. ‫4-أكثر شمول و عمقا من المناهج الخرى لنه دراسة للماضي و الحاضر .‬ ‫6-إن المنهج التاريخي هو واحد من المناهج التي تدرس الظاهرة النسانية التي‬ ‫هي ليست مقصورة على الملحظة أو التجربة, ول يقل عن المناهج التي تعتمد‬ ‫على التجربة في دراسة السلوك النساني إذا توافر له شرطان أساسيان وهما‬ ‫توفر المصادر الولية والصلية واستخدامهما, وتوفر المهارة الكافية عند الباحث‬ ‫من حيث النقد والتحليل. )العساف , الوادي, 1102, ص 231-331(.‬ ‫ايجابيات المنهج التاريخي‬ ‫تتمثل ايجابيات هذا المنهج في الكشف عن جوانب الطبيعة البشرية والظواهر‬ ‫الجتماعية في الماضي ، وكيف تطور المجتمع النساني ومسارات تطوره دون‬ ‫الوقوف عند حدود الوصف التصويري والكشف عن بعض العوامل التي أدت إلى‬ ‫الوقائع والحداث والوقوف عندها وتحليلها وإتاحتها للجيال الجديدة فأي ظاهرة‬ ‫ل يمكن أن تفهم يشكل واضح من دون معرفة جذورها أصولها وتسلسل تطورها‬ ‫وبما يمكننا أيضا من التنبؤ للمستقبل .‬ ‫عيوب المنهج التاريخي‬ ‫تتمثل سلبيات هذا المنهج في أنه يقوم على فرضيات غير يقينية أي غير قابلة‬ ‫للتحقق بشكل عام ، وبالتالي فإن هذا المنهج ل يستطيع أن يفسر لنا كيفية ربط‬ ‫الماضي المجهول بالحاضر المعروف إل من خلل التأويل والتفسير الذاتي المر‬ ‫الذي أدى إلى تعدد آراء المؤرخين حول الموضوع التاريخي الواحد وبقاء المادة‬ ‫التاريخية في موضع تعديل مستمر طبقا لوجهات النظر الجديدة التي تفسر وقائع‬ ‫الماضي بعقلية العصر الذي يعيش فيه المؤرخ ، هذا بالضافة إلى المحاولت‬ ‫المتكررة لتزييف التاريخ ووثائقه وما إلى ذلك. إل أننا نرى فيما ذكر من سلبيات‬ ‫لهذا المنهج بأنها مسائل تجرد هذا المنهج من موضوعيته فمن الثابت أنه مهما‬ ‫اختلف الطابع والمنطلق والتجاه الذاتي للمؤرخين فإنهم يتفقون في بعض‬ ‫القضايا الرئيسية هذا التفاق هو الذي يشكل ))العنصر الموضوعي في التاريخ((‬ ‫الذي لم يكن من الممكن الوصول إليه دون اللتزام بقواعد المنهج التاريخي‬ ‫وبذلك تفوق إيجابيات هذا المنهج سلبياته.‬ ‫6‬
  • 7. ‫خاتمــــــة‬ ‫رغم النتقادات أو المأخذ التي سجلت على المنهج التاريخي، إل أنه يحتفظ بمكانته‬ ‫الخاصة ضمن المناهج الخرى، و يحظى بحصة كبيرة من خلل اختياره في‬ ‫أغلب البحوث العلمية و ذلك لما له من أهمية في التعرف على ماضي و كيفية‬ ‫نشأة الظاهرة و تطورها عبر التاريخ مما يجعل الحلول ممكنة أمام الباحث,‬ ‫ويسهل عليه تطبيق الحلول بطريقه موضوعية, فيضطلع بدور هام وأساسي في‬ ‫ميدان الدراسات والبحوث الجتماعية, التي تتمحور حول الوقائع والحداث‬ ‫والظواهر الجتماعية والنسانية فيقدم الطريقة العلمية الصحيحة, للكشف عن‬ ‫الحقائق التاريخية للظواهر الجتماعية والنسانية.‬ ‫قائمة المراجع :‬ ‫د. احمد عارف العساف, أ.د. محمود الوادي, منهجية البحث في العلوم الجتماعية‬ ‫والدارية دار صفاء للنشر والتوزيع, عمان, ط 1, 1102.‬ ‫أ.د. حسن عواد السريحي, د. ليلى جابر, أ.د. عبد الرشيد حافظ, د. صالح السعد,‬ ‫أ.د. فالح الضرمان, د. عواطف يوسف ,التفكير والبحث العلمي, مركز النشر‬ ‫العلمي, ط 1, 8002.‬ ‫7‬