1. بسم ا الرحمن الرحيم
جامعة النجاح الوطنية
كلية الدراسات العليا
قسم التخطيط والتنمية السياسية
مقال حول المنهج التاريخي
إعداد الطالب
سعيد يوسف خصيب
مقدم الى
د. حسن ايوب
وذلك استكمال لمساق البحث العلمي في الدراسات التنموية
الفصل الدراسي الول
2102
المنهج التاريخي
المقدمة
إن معرفة تاريخ أي ظاهرة ضروري جدا لفهم هذه الظاهرة, كما إن معرفة
تاريخ المجتمعات مهم أيضا لفهم هذه المجتمعات, ولمعرفة التطور الذي يطرأ
على شبكة العلقات الجتماعية وفهم هذه التطورات , لذلك يستخدم علماء
الجتماع المنهج التاريخي لدراسة أحداث الماضي وتفسيرها وتحليلها بهدف
التوصل إلى قوانين عامة تساعد على تحليل أوضاع الحاضر والتنبؤ بالمستقبل,
1
2. فليس الهدف من دراسة هذا المنهج هو فهم الماضي فقط ولكن الوقوف على
أحداث الماضي للستفادة في فهم الحاضر والتخطيط للمستقبل حتى يتمكن
الفرد والمجتمع من التطور والتقدم, وباختصار إن هذا المنهج يعنى باسترداد
الحدث التاريخي من الماضي وإعادة ترتيبه وتنسيقه من جديد .
تعريف المنهج التاريخي
يعرف المنهج التاريخي بأنه " منهج يتعامل مع مغزى وأهمية المعلومات الكامنة
في التاريخ , البعيد منه والقريب وحيث أن التاريخ هو مجموعة من الظواهر
والنشطة البشرية والنسانية , فانه على الباحث أن يقوم بدراستها وفحصها ,
والنشطة والظواهر التاريخية ل تقتصر على موضوع واحد أو مجال واحد ولكنه
قد يستخدم مع كافة المواضيع والمعارف البشرية ".)العساف , الوادي, 1102,
ص 911-021(
خطوات المنهج التاريخي
عند دراسة ظاهرة أو حدث تاريخي يتوجب على الباحث إتباع خطوات أثناء
دراسته و هي كما يلي :
أول : اختيار موضوع البحث:
و نقصد هنا تحديد مكان و زمان الواقعة التاريخية، الشخاص الذين دارت حولهم
الحادثة، كذلك نوع النشاط النساني الذي يدور حوله البحث, ويمكن استخدام
معاير أخرى لتحديد موضوع البحث منها أن يعيد الباحث الموضوع في ضوء فكرة
مهمة او عدد من الفكار أو المعتقدات أو التجاهات أو التقاليد الجتماعية المهمة.
وكذلك في ضوء اعتبارات الخبرة الكافية التي تجعله قادرا على معرفة الموروث
التاريخي والحداث, إضافة إلى توافر مصادر الحصول على المادة التاريخية
والوقت والتكلفة وغير ذلك
ثانيا :مصادر المعلومات
ويقصد به جمع البيانات و المعلومات و المادة التاريخية. فبعد النتهاء من تحديد
مكان و زمان الواقعة التاريخية يأتي دور جمع البيانات اللزمة و المتعلقة
بالظاهرة من قريب أو من بعيد و تنقسم إلى مصادر أولية وثانوية .
1- المصادر الولية
2
3. أ- الثار : وهي تعبر عن بقايا حضارات أو أحداث معينة قامت أو حدثت في
الماضي ويستطيع الباحث أن يفحصها بنفسه فهي أكثر صدقا من السجلت
والوثائق ومن أمثلة هذه الثار بقايا المباني والدوات والملبس والواني والنقود
والسلحة والرسوم والمعدات والنقوش والرسوم والمعابد والتماثيل بالضافة إلى
المطبوعات كالكتب والشهادات وكشوف السجلت والمخطوطات وغيرها التي
كانت تستخدم في الماضي وتكشف مظاهر الحقب الماضية .
ب- الوثائق والسجلت : هي تلك الوثائق التاريخية التي حفظت عن قصد لنقل
المعلومات والبيانات والحداث الماضية ، ويحاول الباحث الحصول على أقرب
المصادر إلى الحداث فمثل ل ً ل يكتفي بمقال يتحدث عن اجتماع إن أمكنه الحصول
على محضر الجتماع الرسمي والذي يعد مصدرا أوليا وتقسم إلى
1-ب- السجلت الرسمية: الوثائق التشريعية والقضائية والتنفيذية, كالدساتير,
والقوانين, والتفاقيات, والمواثيق, والمعاهدات, ومحاضر المحاكم, وقوائم
الضرائب, والحصاءات والبيانات والتقارير السنوية, وغير ذلك .
2-ب- السجلت الشخصية : ويقصد بها السيرة الذاتية واليوميات والمذكرات
والخطابات والرسائل والوصايا , والعقود والمقالت والخطب والكتب وغيرها .
3-ب- التراث الشعبي :ويشمل الساطير والحكايات والخرافات الشائعة والرقصات
واللعاب وغيرها .
4-ب- السجلت المصورة : وتشمل الرسوم والصور الفوتوغرافية والمصغرات
الفيلمية, والصور الجوية, والنحت والزخرفة, وغيرها .
5-ب- المواد المنشورة : وتشمل المطبوعات والكتب والصحف وغيرها .
6-ب- التسجيلت الصوتية والمرئية وتشمل التسجيلت الصوتية والمرئية
للجتماعات والمقابلت .
2- المصادر الثانوية: و هي المعلومات الغير مباشرة و المنقولة التي تؤخذ من
المصادر الولية و يعاد نقلها , وقد تكون عملية النقل متواترة عن عدة أشخاص
وكلما كانت المعلومات تنقل من مصادر ثانوية عن طريق سلسلة أشخاص
متعددين , كلما كان احتمال الخطأ واردا في المعلومة المنقولة . ولذلك تتولد
هناك حاجة في معرفة وإلمام المصادر المأخوذة منها فصدق هذه المعلومات
يعتبر ضرورة وأساسا منهجيا مهما يجب أن يلجا إليه الباحث فقدرة الباحث على
3
4. عملية التحقيق تعطي البحث أهمية ومصداقية ومن أمثلتها الكتابات التي كتبها
شخص أو أشخاص لم يلحظوا الحدث أو الحالة أو الشيء بأنفسهم.
ثالثا : نقد المعلومات
التأكد من زمن الوثيقة ومكانها وشخصية كاتبها وبيان شكلها الصلي وتفسير اللغة
التي كتبت بها ، وهل هي صحيحة ، وتحديد الظروف التي كتبت بها الوثيقة ، تحليل
كفاءة المؤلف واستقلليته والواقع النفسي له ، التأكد من أصالة الوثيقة .
و يكون النقد داخلي و خارجي
1- النقد الخارجي: يهدف هذا النقد إلى التحقق من صحة الوثائق من حيث
انتسابها إلى أصحابها والى العصر الذي تنتسب إليه وللوثائق ثلث حالت وهي
أ- إن تكون الوثيقة بخط المؤلف نفسه , ويمكن في هذه الحالة دراسة الوثيقة
الصلية مباشرة أو الحصول على نسخة مصورة منها ودراستها .
ب- أن تكون الوثيقة بخط شخص آخر , وفي الوقت نفسه ل يوجد منها سوى
نسخة واحدة , وقد تكون بهذه النسخة أخطاء في الكتابة أو في الحكم لجهل
الناسخ لها أو وجود أخطاء عرضية كنسيان بعض اللفاظ أو الخطاء الملئية .
ج- وقد يوجد أكثر من وثيقة أو مخطوطة , وفي مثل هذه الحالة ينبغي إن يبدأ
الباحث بدراسة هذه المخطوطات لكي يتبين ما يرجع منها إلى أصل واحد .
2- النقد الداخلي: ويمكن التحقق من معنى الكلم الموجود بالوثيقة سواء
المكتوب حرفيا أو المقصود بطريقة غير مباشرة من خلل :
معرفة ما يعنيه المؤلف من كل كلمة وكل عبارة .
دراسة مدى الوثوق في العبارات التي كتبها المؤلف.
تحديد الظروف التي أنتجت فيها الوثيقة .
الوصول إلى تفسير صحيح للمعلومات الواردة بها .
اللمام بلغة كاتب الوثيقة – المعرفة بالظروف الجتماعية والقتصادية والسياسية
– الظروف الجتماعية والقتصادية والسياسية التي عاشها الكاتب
رابعا : الفروض في البحث التاريخي :
يحاول الباحث أن يقوم بوضع فرضية مبدئية تحاول أن تفسر وقوع الحداث وذلك
ليصبح للبحث قيمة . وبعد صياغة الفرضية يبدأ الباحث بالبحث عن الدلة التي
تؤيدها أو تنفيها والتي تختبر صدق الفرضية من عدمه . فالبحث التاريخي يتطلب
4
5. أن يضع الباحث فرضية ويقوم بعدها بعملية جمع البيانات والمعلومات , ثم يقوم
بتعديل الفرضية في ضوء ما يجمعه من معلومات . فإثبات الفرضية وتحقيقه يتم
من خلل جمع المعلومات من مصادرها الولية والثانوية ونقدها تمهيدا لقبولها أو
رفضها وتتميز الفرضيات بالمنهج التاريخي بالبساطة والصدق والحيوية .)العساف ,
الوادي, 1102, ص 021-921(.
أهمية وأهداف المنهج التاريخي:
1- المساعدة في الكشف عن الصول الحقيقة للنظريات والمبادئ العلمية
وظروف نشأتها, بهدف الستفادة من ذلك في معرفة الروابط بين الماضي
والحاضر, برد الحاضر إلى أصوله التاريخية.
2- المساعدة في التعرف على المشكلت التي واجهت النسانية في الماضي
وأسبابها, ووسائل وأساليب التغلب عليها, والعوائق التي حالت دون إيجاد حلول
لها.
3- المساعدة في الربط بين الظواهر والمشكلت وبين البيئة الجتماعية
والقتصادية والثقافية التي أدت إلى نشوئها.
4- ويشير ابن خلدون إلى أهمية التاريخ بقوله: ) أعلم أن فن التاريخ فن عزيز
المذهب, جم الفوائد, شريف الغاية, إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من المم
في أخلقهم, والنبياء في سيرهم، والملوك في دولهم وسياستهم، حتى تتم
فائدة القتداء في ذلك لمن يرويه في أحوال الدين والدنيا..( )السريحي وآخرون,
9241, ص 222 (
خصائص المنهج التاريخي
1-دراسة تاريخ الحضارات والشعوب وإتاحتها للجيال الجديدة فأي ظاهرة ل
يمكن أن تفهم يشكل واضح من دون معرفة جذورها أصولها وتسلسل تطورها
وبما يمكننا أيضا من التنبؤ للمستقبل .
2-يتعامل الباحث في هذا المنهج مع مغزى وأهمية المعلومات الوثائقية أي جمع
البيانات الولية و الثانوية أي أن مجال الباحث المصادر والوثائق المختلفة كالكتب
والدوريات والمخطوطات والوثائق والخرائط وغيرها .
3-إمكانية الوصول إلى وثائق لم تعرف من قبل وبالتالي الوصول إلى نتائج
جديدة تفسر ظواهر وأحداث كانت غامضة.
5
6. 4-أكثر شمول و عمقا من المناهج الخرى لنه دراسة للماضي و الحاضر .
6-إن المنهج التاريخي هو واحد من المناهج التي تدرس الظاهرة النسانية التي
هي ليست مقصورة على الملحظة أو التجربة, ول يقل عن المناهج التي تعتمد
على التجربة في دراسة السلوك النساني إذا توافر له شرطان أساسيان وهما
توفر المصادر الولية والصلية واستخدامهما, وتوفر المهارة الكافية عند الباحث
من حيث النقد والتحليل. )العساف , الوادي, 1102, ص 231-331(.
ايجابيات المنهج التاريخي
تتمثل ايجابيات هذا المنهج في الكشف عن جوانب الطبيعة البشرية والظواهر
الجتماعية في الماضي ، وكيف تطور المجتمع النساني ومسارات تطوره دون
الوقوف عند حدود الوصف التصويري والكشف عن بعض العوامل التي أدت إلى
الوقائع والحداث والوقوف عندها وتحليلها وإتاحتها للجيال الجديدة فأي ظاهرة
ل يمكن أن تفهم يشكل واضح من دون معرفة جذورها أصولها وتسلسل تطورها
وبما يمكننا أيضا من التنبؤ للمستقبل .
عيوب المنهج التاريخي
تتمثل سلبيات هذا المنهج في أنه يقوم على فرضيات غير يقينية أي غير قابلة
للتحقق بشكل عام ، وبالتالي فإن هذا المنهج ل يستطيع أن يفسر لنا كيفية ربط
الماضي المجهول بالحاضر المعروف إل من خلل التأويل والتفسير الذاتي المر
الذي أدى إلى تعدد آراء المؤرخين حول الموضوع التاريخي الواحد وبقاء المادة
التاريخية في موضع تعديل مستمر طبقا لوجهات النظر الجديدة التي تفسر وقائع
الماضي بعقلية العصر الذي يعيش فيه المؤرخ ، هذا بالضافة إلى المحاولت
المتكررة لتزييف التاريخ ووثائقه وما إلى ذلك. إل أننا نرى فيما ذكر من سلبيات
لهذا المنهج بأنها مسائل تجرد هذا المنهج من موضوعيته فمن الثابت أنه مهما
اختلف الطابع والمنطلق والتجاه الذاتي للمؤرخين فإنهم يتفقون في بعض
القضايا الرئيسية هذا التفاق هو الذي يشكل ))العنصر الموضوعي في التاريخ((
الذي لم يكن من الممكن الوصول إليه دون اللتزام بقواعد المنهج التاريخي
وبذلك تفوق إيجابيات هذا المنهج سلبياته.
6
7. خاتمــــــة
رغم النتقادات أو المأخذ التي سجلت على المنهج التاريخي، إل أنه يحتفظ بمكانته
الخاصة ضمن المناهج الخرى، و يحظى بحصة كبيرة من خلل اختياره في
أغلب البحوث العلمية و ذلك لما له من أهمية في التعرف على ماضي و كيفية
نشأة الظاهرة و تطورها عبر التاريخ مما يجعل الحلول ممكنة أمام الباحث,
ويسهل عليه تطبيق الحلول بطريقه موضوعية, فيضطلع بدور هام وأساسي في
ميدان الدراسات والبحوث الجتماعية, التي تتمحور حول الوقائع والحداث
والظواهر الجتماعية والنسانية فيقدم الطريقة العلمية الصحيحة, للكشف عن
الحقائق التاريخية للظواهر الجتماعية والنسانية.
قائمة المراجع :
د. احمد عارف العساف, أ.د. محمود الوادي, منهجية البحث في العلوم الجتماعية
والدارية دار صفاء للنشر والتوزيع, عمان, ط 1, 1102.
أ.د. حسن عواد السريحي, د. ليلى جابر, أ.د. عبد الرشيد حافظ, د. صالح السعد,
أ.د. فالح الضرمان, د. عواطف يوسف ,التفكير والبحث العلمي, مركز النشر
العلمي, ط 1, 8002.
7