1. اتخذوه مهجورا_
: قالت
..!! كنت في الحرم المكي .. في قسم النساء .. وإذا بامرأة تطرق على كتفي .. وتردد بلكنة أعجمية : يا حاجة !! يا حاجة
.. إلتفت إليها .. فإذا امرأة متوسطة السن .. غلب على ظني أنها تركية
! سلمت علي .. وقعت في قلبي محبتها
.. سبحان هللا األرواح جند مجندة
.. كانت تريد أن تقول شيئا .. تحاول استجماع كلماتها
: أشارت إلى المصحف الذي كنت أحمله .. ثم قالت بعربية مكسرة
!أنت تقرأ في قرآن ..؟
.. قلت : نعم ! .. وإذا بالمرأة
.. يحمر وجهها .. وتمتلئ عيناها بالدموع
!! قد هالني منظرها .. بدأت في البكاء
قلت لها : ما بك !؟
.. قالت بصوت مخنوق وهي تنظر بخجل
.. قالت : أنا ما أقرأ قرآن
قلت : لماذا ؟
.. قالت : ما أعرف .. ومع انتهاء حرف الفاء .. انفجرت باكية
.. ظللت أربت على كتفيها وأهديء من روعها
.. قلت : أنت اآلن في بيت هللا .. اسأليه أن يعلمك .. وأن يعينك على قراءة القرآن
.. كفكفت دموعها
.. وفي مشهد لن أنساه ما حييت .. رفعت المرأة يديها تدعو هللا قائلة : اللهم افتح قلبي .. اللهم افتح قلبي أقرأ قرآن .. اللهم افتح قلبي أقرأ قرآن
.. ثم التفتت إلي وقالت : أنا أموت وما قرأت قرآن
.. قلت لها : ال.. إن شاء هللا سوف تقرأينه كامال وتختميه مرات ومرات
سألتها : هل تقرأين الفاتحة ؟
.. فاستبشرت .. وقالت : نعم
.. ثم بدأت ترتل : الحمد هلل رب العالمين .. الرحمن الرحيم
.. حتى ختمتها
.. ثم جلست تعدد صغار السور التي تحفظها
.. كنت متعجبة من عربيتها الجيدة إلى حد ما.. وهي تتكلم عن حياتها .. وما تبذله لتتعلم القرآن
!! وفجأة تغير وجهها .. وقالت : إذا أنا أموت ما قرأت قرآن .. أنا في نار
!! أنا وهللا أسمع شريط .. بس الزم في قراءة
.. هذا كالم هللا .. كالم هللا العظيم ! وبدأت المسكينة تدافع عبراتها وهي تتكلم عن عظمة هللا .. وحق كتابه علينا
.. لم أتمالك نفسي من البكاء ! امرأة أعجمية .. في بالد علمانية .. تخشى أن تلقى هللا ولم تقرأ كتابه
.. منتهى أملها في الحياة أن تختم القرآن
.. تبكي .. وتحزن .. وتضيق عليها نفسها .. ألنها ال تستطيع تالوة كتاب هللا
فما بالنا قد هجرناه ؟
قد أوتيناه فنسيناه ؟
! ما بالنا والسبل ميسرة لحفظه وتالوته وفهمه ؟
!باهلل عليكم .. على أي شيء تحترق قلوبنا ؟! وما الذي يثير مدامعنا ويهيج أحزاننا ؟
قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم: يا علي إنها ستكون فتنة، فقلت: وما المخرج منها يا رسول هللا؟... قال: كتاب هللا عز وجل، فيه نبأ ما قبلكم وفصل ما بينكم وخبر
ّ
ما بعدكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه هللا ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله هللا، وهو حبل هللا المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم
وهو الذي ال تلتبس به األلسن وال تزيغ به األهواء وال يخلق عن كثرة الرد، وال يشبع منه العلماء وال تنقضي عجائبه ، وهو الذي لم يتناه الجن إذ سمعته أن قالوا: { إنا
سمعنا قرآنا عجبا } من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم
غبطة صاحب القرآن
عن ابن عمر رضى هللا عنهما قال : قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم : ( ال حسد إال في اثنتين : رجل آتاه هللا القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه هللا ماال فهو ينفقه آناء الليل
وآناء النهار (البخاري ومسلم)
حديث آخر
إن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب يقول: هل تعرفني؟ فيقول له: ما أعرفك، فيقول: أنا صاحبك القرآن، الذي أظمأتك في الهواجر، وأسهرت ليلك، وإن
كل تاجر من وراء تجارته، وإنك اليوم من وراء كل [تجارة]، قال: فيعطى الملك بيمينه، والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والداه حلتين، ال يقوم لهما أهل الدنيا، فيقوالن: بم
كسينا هذا؟ فيقال: يأخذ ولدكما القرآن، ثم يقال: اقرأ واصعد في [درج] الجنة وغرفها، فهو في صعود ما دام (يقرأ) هذا كان أو ترتيال.
)رواه أحمد في "المسند" (321) وابن ماجه في "السنن" (3281) وحسنه البوصيري في الزوائد واأللباني في "السلسلة الصحيحة" (2828