مطوية عن التعاون
- 1. ظهرت دعوة النبي محمد صلى ا عليه وسلم إلى
َ
ِ
ا لسلم الذي لم تكتف تعاليمه بتنظيم العلقة بين
ِ
ُ
ِ
َ
ِ
ِ
وجاءس فسي الحديسث عسن الرسسول
َ
الخالق والمخلوق، وإنما شملت جميع نواحي الحياة
َ ِ
ِ
صسلى اس عليسه وسسلم: "ل تؤمنوا حتسى
الفكرية والجتماعية والقتصادية، وقد أبقى على
تْ َ
تحابوا"> وفسي هذا الحديثس دليلس علسى
ٌ
ِ
ُّ
الفضائل العربية الحسنة، ودعمها في حين حارب
ِ َ َ ِ َ َ
َ
تسسأكيد المشاعسر اليوخويسة بيسن المسسلمين،
ِ
مظاهر السلوك السيئة اليوخرى.
َّ َ
ِ
َ
ويتضح ذلك من قول الرسول صلى ا عليه
ِ
ُ
وسلم: "إنما بعثت، لتمم مكارم اليوخلق" مما
َ
ُ ِ
َ
ٌ
يدل على أنه كان للعرب أيوخلق وصفات
ٌ
َ
محمودة، أ َبقى السلم عليها، ودعا إلى
ُ
تْ
َ َ ِ
ِ
ِ ّ
التمسك بها. وإذا نظرنا إلى التشريع السلمي
َ
ِ
نجده أكثر الديان السماوية تنظيما لجميع
ُ َ َ
نواحي الحياة، ول سيما النواحي الجتماعية
ِ َّ
ِ
منها، فقد شملت تعاليمه تنظيم علقة
َ
ُ
َ ِ
النسان بربه من جهة وعلقة النسان بأيوخيه
ِ
َ
ِ
من جهة أيوخرى. وليس المجال هنا مجال
ٍ
ُ
دراسة التشريعات السلمية، وإنما المقصود
ِ
ِ
إيضاح نظرة السلم إلى التعاون، فقد اهتم
ِ
ِ
ُ
السلم بنشر الروح التعاونية وتأكيدها بين
ِ
ِ
ُ
المسلمين، فأمر ا سبحانه وتعالى بالتعاون
ُ
في قوله
ّ
: } و تعا ونوا على الب ر
َ
)2( َ
ُ
والتقوى{ ، والمقصود بالتعاون هنا ما يحقق
ُ
ُ
َ
جميع العمال المشتركة التي تحقق مصلحة
ُ َ
إسذ أسن محبةس الخيسر لليوخريسن، والحرصس
َ
َ
َ َّ َ
ٌّ
علسى مصسلحتهم مبسسدأ ٌ تعاونيس أسساسي
ّ
َ
في التشريع والتربية السلمية.
ِ
ولهذا ل بد من أن يتعاون النسان ُ مع غسيره
َّ
َ ِ
فيلتقي تفكيره مع تفكير غيره، وتلتقي قوته
َ َّ ُ
َ
ِ َ
ُ
َ َ ِ َ
مع قوة غيره، فإذا بهذه العقبات والصعاب
ِ
َ
ِ
ِ
ٍ َ َ ِ ٍ َ
أمام قوة أكبر، وفكر أقوى، وعقل أرجح، فلبد
َ
ٍ
َ َ
َ
َ
لهذه العقبات أن تتبدد، ولبد لهذه الصعاب أن
َّ َ
تزول وتختفي، وعندئذ تتحقق رغباته
ُ
َ
تْ
َ
التعاون واجب على
َ
المسلمين.
التعاو
ن
شعار المؤمنين
ومطامحه وآماله.
ُ
ُ
وقد قيل: " اليد الواحدة ل تص َفق " أما
ُ ُ قِّ ُ
َ ُ
الجماعات المتعاونة فتستطيع أن تصفق،
ُ َ َ
ُ
ُ
ُ
وتصفق من غير انقطاع، ولهذا قيل أيضا:
َ تْ ِ
َ
َ ُ ُّ َ
المرء قليل بنفسه كثير بإيوخوانه الذين يشدون
ِ
ٌ
ِ
ٌ
ُ
َ ُ
ازره، ويحمون ظهره، فيقوى بهم، فمصدر
َ
َ َ
َ ُ َ
هذه القوة إنما هو التضامن والتعاون الذي
ُ
ُ
َّ
ِ
يجمع بين الناس في الرأي والعمل.
َ َ
ُ
َ
الفرد ويوخير المجتمع على حد سواء، وقد جاء
َ ّ
َ تْ َ
التعبير عنه بصيغة المر وذلك يعني أن
ِ
ُ
َ4
المملكة العربية السعودية
وزارة التربية والتعليم
ابتدائية تحفيظ القرآن بصامطة
5
إعداد الطالبة
صفاء ناصر كديش
- 2. وقال رسول ا , صل(ى ا دعليه وسلم: "متثل
نَ نَ
2
1
المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم
اوُ
اوُ
نَ ِّ
ا ِ نَ
بسنم ان و الحمند للنه و الصنلة و السنلم دعلن(ى رسنول
تربص الدعداء
ا دعل(ى آلها ِ و صحبه من واله َمْ أما بعد: اوُ َمْ ل ٌ
كمتثلوالجسد الواحد، إذا اشت.ك(ى منه دعضو
نَ
نَ نَ
تدادع(ى له سائر الجسد بالسهر والحم(ى".
اوُ َّ
َّ
اوُ
فالنسللان بطبعلله كائللن اجتماعللي ، يميللل للجتماع بغيره لقضاء
وتشبيه المؤمنين بالجسإل بالتعاون مع نَرغيره و أن يكون
مصالحهاوُ و نيل مطالبه التي ل نَتتم د الواحد يدل دعل(ى
ا ِ
فردا من جماعة ، فمصلحة النفس و المسجد و المة ...ورغيرها من
ً
اوُالمصلالح ل تتلم إل بالتعاوني اللبر هذا الحديث، الواحلد
دعمق الفهم التعاون عللىفي و التقوى ، بلل السلهم وهو
ِّ
ا ِ
يدذخلل بله الجنلة ثلثلة لل فإذا للم يصلنعه الول و للم يعده الثانلى ، للن
تأكي ل ٌالثالث يرمي دعضو في المجتمع الفريق لتحقيق
يجدد بأنماالفردبه اوُ، و لذلك كان لبد من عمل السلمي
الهد ف و الولصلول إللى المقصلود ، و للو نظرنلا إللى النملل و النحلل
لوجدنا ُّ بأحاسيس الرخرين، ويتأثر من الخلية رأينا
يحس أن المر ل يختلف ، فلكي نستخلص العسلبمشادعرهم،
نَ اوُ
توزيللع الدوار بيللن النحللل ، ملكات و عمال و ذكور و شغالت ،
ول يمكلن ألن نتحصلل عللى ذللك العسلل ملن عملل الملكات فقلط ،
ويعمل لمصلحتهمشألن المسللم فلي اجتماعله ملع إذخوانله ، ل
وينبغلي ألن يكون هذا هلو
نَ
يباللي إلن وضعوه فلي المقدملة ألو فلي السلاقة ألو فلي المؤذخرة ، فهلو
يتقن عمله و يخلص المر كله ل .
.
ضعف التعاون .. ضعف في العقل
و قد لوحظ أن الناس إن لم يجمعهم الحق شعبهم الباطل ، و إن لم
َّ
توحدهلم عبادة الل مزقتهلم عبادة الشيطان ، و إلن للم يسلتهوهم نعيلم
الذخرة تناطحوا و تنازعوا عللى متاع الدنيلا الزائللة ، وهذه لللسلف
هلي حاللة بعضنلا اليو م ، فالبعللض يضمللر العداوة للبعللض ، و إلن
حدث ذخل ف ذلللك فهللو مجرد مجاملللة عابرة ، و السللبب فللي ذلللك
ضعلف العقلل: )تحسنبهم جميعًا وقلوبهمن شتن(ى ذلكن بأنهمن
نَ ا ِ نَ ا ِ نَ َّ اوُ َمْ
نَ اوُ اوُ اوُ اوُ َمْ نَ َّ
نَ َمْ نَ اوُ اوُ َمْ نَ ا ِ
قوم ل يعقلون( )الحشر: من الية41(.
نَ َمْ ل ٌ نَ َمْ ا ِ اوُ نَ
إننلا نملر بمرحللة تسلتوجب منلا ألن نكون يدا واحدة عللى عدو الل و
ً
عدونلا ، فقوى الشلر تتربلص بنلا الدوائلر ، و قلد أعلنوهلا حربا عللى
ً
اللسللل م و أهللله ، و هذا هللو شأنهللم قديما و حديثا ، فقللد تنادوا يوما و
ً
ً
ً
قالوا )فأجمعوا كيدكمن ثمن ائتوا صنفًا وقد أنَ
نَ ًاّ نَ نَ َمْ فلحن اليومن منن
َمْ نَ نَ َمْ نَ َمْ نَ نَ ا ِ
نَ نَ َمْ ا ِ اوُ نَ َمْ نَ اوُ َمْ اوُ َّ َمْ اوُ
استعل(ى( )طله:46(
َمْ نَ َمْ نَ
و تعاونهلم اليو م ملن أجلل إنفاذ مخططاتهلم ل يخفلى عللى أحلد . ول
ننكلر ألن ألسلباب ضعفنلا – التلى مكنلت العداء ملن رقابنلا – كثيرة ، و
دواعلي فرقتنلا الحاضرة عديدة ، و لكلن هذا كلله ل يمنعنلا ملن الذخلذ
باللسللباب و الهتما م بالبدايات فل نجعللل الخل ف بيننللا فللي القوال و
ً
المذاهللب ، و فللي الملللك و السلليالسات و الرغراض الشخصللية حائل
يحول بيننا و بين تحقيق الذخوة اليمانية و التعاون على البر و التقوى
، بل نجعل الخلفات كلها تبعا لهذا اللصل الكبير ، فمصلحة الجتماع
ً
مصلحة كلية و طلب الدين بالوحدة و اللفة و منعه لنا من التفكك يأتى
عللى ذللك أجملع و يقد م عللى كلل شلئ ، و هذا شألن ملن يعظلم حرمات
ال ل و يدرك حجللم المخاطللر التللى تمللر بهللا أمتلله . فالمسلللمون تتكافللأ
دماؤهللم و يسللعى بذمتهللم أدناهللم و هللم يللد علللى مللن لسللواهم ، و فللي
الحديث: " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا و شبك
الننب(ى صل(ى ان دعليه و سنلم بين أصابعه ". )رواه البخاري و
مسلم(. و عن أبى هريرة رضي ال عنه – قال : قال رلسول ال لصلى
الل عليله و لسلم : " من نفس دعن مؤمن كربة من كرب الدنيا
نفس ا دعنه كربة من كرب يوم القيامة ، و من يسر دعل(ى
إن الرابطة التي نصير بها كالجسد الواحد هي رابطة اللسل م ، و
بدون ذللك نكون كمثلل حاللة الجاهليلة ألو أشلر، و فلي الحديلث : " ل
سنتره ان فني الدنينا و الرخرة ، و ان فني دعون العبند منا
ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكننننم رقاب بعننننض " .
)متفللق عليلله(. و رابطللة الديللن تتلشللى أمامهللا رابطللة النسللب و
القومية و الوطنية و الحزبية و لسائر لصور التعصب على الباطل ،
كان العبند فني دعون أرخينه ". )رواه مسللم (. و فلي الحديلث: " منا
من امرئ يخذل مسلمًا في مواطن ينتقص فيه من دعرضه
قال تعالللللى: )وادعتصنننموا بحبلننن اللهننن جميعًا ول تفرقوا
نَ نَ نَ َّ اوُ
نَ ا ِ
َّ ا ِ
نَ َمْ نَ ا ِ اوُ ا ِ نَ َمْ ا ِ
و ينتهنك فينه منن حرمتنه إل رخذلنه ان فني موطنن يحنب
واذكروا نعمت ن الله ن دعليكم ن إا ِذ كنتم ن أنَدعداء ن فألف ن بين ن
نَ َمْ اوُ اوُ ا ِ َمْ نَ نَ َّ ا ِ نَ نَ َمْ اوُ َمْ َمْ اوُ َمْ اوُ َمْ َمْ نَ ً نَ نَ َّ نَ نَ َمْ نَ
نصنرته ، و منا منن امرئ ينصنر مسنلمًا فني موطنن ينتقنص
قلوبكم فأصبحتم بنعمته إا ِرخوانًا( )آل عمران: من الية301(.
اوُ اوُ ا ِ اوُ َمْ نَ نَ َمْ نَ َمْ اوُ َمْ ا ِ ا ِ َمْ نَ ا ِ ا ِ َمْ نَ
فينه منن دعرضنه و ينتهنك فينه منن حرمتنه إل نصنره ان فني
آحادا
حرص السلف دعل(ى التعاون واجتماع
الكلمة
معسر يسر ا دعليه في الدنيا و الرخرة و من ستر مسلمًا
تأنب(ى الرماح إذا اجتمعنن تكسنرا وإذا افترقنن تكسنرت
3
موطن يحب فيه نصرته " )رواه أبو داود ورغيره و إلسناده حسن(.
و لملا قيلل لنلس بلن ماللك – رضلي الل عنله – بلغلك ألن رلسلول الل
لصلى ال عليه و لسلم قال : "ل حلف في السلم" ؟ فقال أنس
ا ِ
: قد حالف رسول ا صل(ى ا دعليه و سلم بين قريش و
النصار في داره " )رواه مسلم( .
لملا أراد البعلض قتلل عثمان بلن عفان – رضلي الل
عنلله – يو م الدار ، جاء عبدال ل بللن لسللل م ، فقال للله
عثمان : ما جاء بك ؟ قال : جئت في نصرك ، قال :
اذخرج إللى الناس فاطردهلم عنلى ؛ فإنلك ذخارجا ذخيلر
ً
لى منك داذخل ، فخرج عبد ال إلى الناس و كان مما
ً
قال رضي ال عنه : إن ل لسيفا مغمودا عنكم ، و إن
ً
ً
الملئكللة قللد جاورتكللم فللي بلدكللم هذا الذى نزل فيلله
نلبيكم ، فالل الل فلي هذا الرجلل ألن تقتلوه ، فوالل إلن
قتلتموه ، لتطردن جيرانكلللم ملللن الملئكلللة ولتسللللن
لسيف ال المغمود عنكم فل يغمد إلى يو م القيامة.
و لملا ضرب ابلن ملجلم الخارجلي عليا - رضلي الل
ً
عنلله – دذخللل منزللله فاعترتلله رغشيللة ثللم أفاق فدعللا
الحسن و الحسين – رضي ال تعالى عنهما – و قال
: أولصليكما بتقوى الل تعاللى و الررغبلة فلي الذخرة و
الزهلد فلي الدنيلا ول تألسلفا عللى شلئ فاتكملا منهلا ،
فإنكمللا عنهللا راحلن ، افعل الخيللر و كونللا للظالللم
ذخصللما و للمظلو م عونا ، ثللم دعللا محمدا ولده و قال
ً
ً
ً
لله : أملا لسلمعت ملا أولصليت بله أذخويلك ، قال : بللى ،
قال : فإني أولصيك به .
و يحكون ألن امرألة لصلرذخت لملا وقعلت فلي اللسلر
وانتهكلللت حرمتهلللا: وامعتصلللماه ، و عللللم بذللللك
المعتصلم فركلب فرلسله و للم ينتظلر و تبعله الجيلش
يعدو في إثره حتى فتح عمورية ، ثم لسأل المعتصم :
أيللن التللي تسللتصرخ؟ ، و مللن قبللل كان عمللر بللن
الخطاب رضي ال عنه – يتخو ف من أن تتعثر شاة
بوادي الفرات فيسأل عنها يو م القيامة لم لم يمهد لها
مِ ل َ
الطريلق؟ فكيلف تخوفله للو تعثلر مسللم ألو قتلل دون
وجله حلق ؟! و كان أويلس بلن عاملر – لسليد لسلادات
التابعيلن – يعتذر إللى ربله ملن ألن يلبيت شبعانا و فلي
ً
الرض ذو كبد رطبة جائع .