ݺߣ

ݺߣShare a Scribd company logo
أبو فراس الحمداني 
أبو فراس الحمداني 
053 - هو أبو فراس الحارث بن سعيد بن حمدان الحمداني التغلبي الوائلي،) 023 
869 م(. هو شاعر من أسرة الحمدانيين، وهي أسرة عربية حكمت - هـ / 802 
شمال سوريا والعراق وكانت عاصمتهم حلب في القرن العاشر الميلادي . 
حياته 
كان ظهور الحمدانيين في فترة ضعف العنصر العربي في جسم 
الخلافة العباسية وهزيمة الفرس والترك. فباشر الحمدانيون الحروب 
لدعم حكمهم وترسيخ سلطتهم، فاحتل عبد الله، والد سيف الدولة 
الحمداني وعم شاعرنا، بلاد الموصل وبسط سلطة بني حمدان على 
شمال سوريا بما فيها عاصمة الشمال حلب وما حولها وتملك سيف 
الدولة حمص ثم حلب حيث أنشأ بلاطا جمع فيه الكتاب والشعراء 
واللغويين في دولة عاصمتها حلب. 
ترعرع أبو فراس في كنف ابن عمه سيف الدولة في حلب، بعد موت 
والده باكراً، فشب فارسا شاعراً، وراح يدافع عن إمارة ابن عمه ضد
هجمات الروم ويحارب الدمستق قائدهم وفي أوقات السلم كان يشارك 
في مجالس الأدب فيذاكر الشعراء وينافسهم، ثم ولاه سيف الدولة 
مقاطعة منبج فأحسن حكمها والذود عنها. 
أبو فراس في الأسر 
كانت المواجهات والحروب كثيرة بين الحمدانيين والروم في أيام أبي فراس، وفي 
إحدى المعارك خانه الحظ يوما فوقع أسيرا سنة 743 هـ ) 959 م( في مكانٍ يُعرف 
باسم "مغارة الكحل". فحمله الروم إلى منطقة تسمى خَرْشَنة على الفرات، وكان فيها 
للروم حصنٌ منيع، ولم يمكث في الأسر طويلاً، واختُلف في كيفية نجاته، فمنهم من 
قال إن سيف الدولة افتداه ومنهم من قال إنه استطاع الهرب، فابن خلكان يروي أن 
الشاعر ركب جواده وأهوى به من أعلى الحصن إلى الفرات، والأرجح أنه أمضى 
في الأسر ثلاث سنوات. 
انتصر الحمدانيين أكثر من مرة في معارك كرٍ وفرٍ، وبعد توقف لفترة من الزمن عاد 
القتال بينهم )بين الحمدانين وبين الروم( الذين أعدوا جيشا كبيراً وحاصروا أبا فراس 
في منبج وبعد مواجهات وجولات كر وفر سقطت قلعته سنة 753 هـ ) 969 م( ووقع 
أسيرا وحُمل إلى القسطنطينية حيث أقام نحواً من أربع سنوات، وقد وجه الشاعر 
جملة رسائل إلى ابن عمه في حلب، فيها يتذمر من طول الأسر وقسوته، ويلومه على 
المماطلة في افتدائه. 
ويبدو أن إمارة حلب كانت في تلك الحقبة تمر بمرحلةٍ صعبة لفترة مؤقتة فقد قويت 
شوكة الروم وتقدم جيشهم الضخم بقيادة نقفور فاكتسح الإمارة واقتحم عاصمتها 
حلب، فتراجع سيف الدولة إلى ميافارقين، واعاد سيف الدولة قوته ترتيب وتجهيز 
وهاجم الروم في سنة 754 هـ ) 966 م( وهزمهم وانتصر عليهم واستعاد إمارته 
وملكه في حلب، واسر اعدادا يسيرة من الروم وأسرع إلى افتداء أسراه ومنهم ابن 
عمه أبو فراس الحمداني بعد انتصاره على الروم، ولم يكن أبو فراس يتبلغ أخبار
ابن عمه، فكان يتذمر من نسيانه له، ويشكو الدهر ويرسل القصائد المليئة بمشاعر 
الألم والحنين إلى الوطن، فتتلقاها أمه باللوعة حتى توفيت قبل عودة وحيدها. 
تحريره من الآسر 
تم افتداء وتحرير أبي فراس وبعد مضي سنةٍ على خروجه من الأسر، توفي سيف 
الدولة 055 هـ ) 863 م( وكان لسيف الدولة مولى اسمه قرغويه طمع في التسلط، 
فنادى بابن سيده أبي المعالي، أميراً على حلب آملاً أن يبسط يده باسم أميره على 
الإمارة بأسرها، وأبو المعالي هو ابن أخت أبي فراس. أدرك أبو فراسٍ نوايا 
قرغويه فدخل مدينة حمص، فأوفد أبو المعالي جيشا بقيادة قرغويه، فدارت معركةٌ 
قُتل فيها أبو فراس. وكان ذلك في ربيع الأول سنة 053 هـ ) 869 م( في بلدة صدد 
جنوب شرق حمص.

More Related Content

أبو فراس الحمداني

  • 1. أبو فراس الحمداني أبو فراس الحمداني 053 - هو أبو فراس الحارث بن سعيد بن حمدان الحمداني التغلبي الوائلي،) 023 869 م(. هو شاعر من أسرة الحمدانيين، وهي أسرة عربية حكمت - هـ / 802 شمال سوريا والعراق وكانت عاصمتهم حلب في القرن العاشر الميلادي . حياته كان ظهور الحمدانيين في فترة ضعف العنصر العربي في جسم الخلافة العباسية وهزيمة الفرس والترك. فباشر الحمدانيون الحروب لدعم حكمهم وترسيخ سلطتهم، فاحتل عبد الله، والد سيف الدولة الحمداني وعم شاعرنا، بلاد الموصل وبسط سلطة بني حمدان على شمال سوريا بما فيها عاصمة الشمال حلب وما حولها وتملك سيف الدولة حمص ثم حلب حيث أنشأ بلاطا جمع فيه الكتاب والشعراء واللغويين في دولة عاصمتها حلب. ترعرع أبو فراس في كنف ابن عمه سيف الدولة في حلب، بعد موت والده باكراً، فشب فارسا شاعراً، وراح يدافع عن إمارة ابن عمه ضد
  • 2. هجمات الروم ويحارب الدمستق قائدهم وفي أوقات السلم كان يشارك في مجالس الأدب فيذاكر الشعراء وينافسهم، ثم ولاه سيف الدولة مقاطعة منبج فأحسن حكمها والذود عنها. أبو فراس في الأسر كانت المواجهات والحروب كثيرة بين الحمدانيين والروم في أيام أبي فراس، وفي إحدى المعارك خانه الحظ يوما فوقع أسيرا سنة 743 هـ ) 959 م( في مكانٍ يُعرف باسم "مغارة الكحل". فحمله الروم إلى منطقة تسمى خَرْشَنة على الفرات، وكان فيها للروم حصنٌ منيع، ولم يمكث في الأسر طويلاً، واختُلف في كيفية نجاته، فمنهم من قال إن سيف الدولة افتداه ومنهم من قال إنه استطاع الهرب، فابن خلكان يروي أن الشاعر ركب جواده وأهوى به من أعلى الحصن إلى الفرات، والأرجح أنه أمضى في الأسر ثلاث سنوات. انتصر الحمدانيين أكثر من مرة في معارك كرٍ وفرٍ، وبعد توقف لفترة من الزمن عاد القتال بينهم )بين الحمدانين وبين الروم( الذين أعدوا جيشا كبيراً وحاصروا أبا فراس في منبج وبعد مواجهات وجولات كر وفر سقطت قلعته سنة 753 هـ ) 969 م( ووقع أسيرا وحُمل إلى القسطنطينية حيث أقام نحواً من أربع سنوات، وقد وجه الشاعر جملة رسائل إلى ابن عمه في حلب، فيها يتذمر من طول الأسر وقسوته، ويلومه على المماطلة في افتدائه. ويبدو أن إمارة حلب كانت في تلك الحقبة تمر بمرحلةٍ صعبة لفترة مؤقتة فقد قويت شوكة الروم وتقدم جيشهم الضخم بقيادة نقفور فاكتسح الإمارة واقتحم عاصمتها حلب، فتراجع سيف الدولة إلى ميافارقين، واعاد سيف الدولة قوته ترتيب وتجهيز وهاجم الروم في سنة 754 هـ ) 966 م( وهزمهم وانتصر عليهم واستعاد إمارته وملكه في حلب، واسر اعدادا يسيرة من الروم وأسرع إلى افتداء أسراه ومنهم ابن عمه أبو فراس الحمداني بعد انتصاره على الروم، ولم يكن أبو فراس يتبلغ أخبار
  • 3. ابن عمه، فكان يتذمر من نسيانه له، ويشكو الدهر ويرسل القصائد المليئة بمشاعر الألم والحنين إلى الوطن، فتتلقاها أمه باللوعة حتى توفيت قبل عودة وحيدها. تحريره من الآسر تم افتداء وتحرير أبي فراس وبعد مضي سنةٍ على خروجه من الأسر، توفي سيف الدولة 055 هـ ) 863 م( وكان لسيف الدولة مولى اسمه قرغويه طمع في التسلط، فنادى بابن سيده أبي المعالي، أميراً على حلب آملاً أن يبسط يده باسم أميره على الإمارة بأسرها، وأبو المعالي هو ابن أخت أبي فراس. أدرك أبو فراسٍ نوايا قرغويه فدخل مدينة حمص، فأوفد أبو المعالي جيشا بقيادة قرغويه، فدارت معركةٌ قُتل فيها أبو فراس. وكان ذلك في ربيع الأول سنة 053 هـ ) 869 م( في بلدة صدد جنوب شرق حمص.